الحوار المسيحي - الإسلامي

 

الحاجة للتوبة

إن لم تتوبوا فأنتم أيضا تهلكون

يحدثنا الوحي الالهي عن ضرورة التوبة لنيل المغفرة.  فالله الديان العادل سيعاقب كل إنسان على إثمه في يوم الحساب. ذلك أن الله الصالح القدير لا يساوم مع الانسان الآثم الشرير كما تدعي الديانات التي تعلم عقيدة الميزان ( أنظر هنا للمزيد). وهو عز وجل أيضاً رحيم و فائق المحبة ، فهو يمسح اثمنا إن أسلمنا له متواضعين  (كما تحدثنا عن ذلك هنا).

لكن، قد يتساءل البعض، هل الله سيحاسبنا على كل كبيرة و صغيرة؟  على سبيل المثال: هل ما يسميها البعض بـِ "الكذبة البيضاء" عقابها نار جهنم؟  هل الذي يسرق 10 دولارات سينال الموت الأبدي مثله مثل القاتل الزاني؟  أليس الله عادلاً؟

دعونا ننظر أولاً إلى المشكلة في طريقة التفكير في هذه المسائل:

أولاً،  الله لا ينظر إلى الخارج و حسب بل أيضاً إلى داخل الانسان ، فيرى القلب.  فالله عز وجل لا يخفى عليه شئ ، وهناك الكثير من البشر الذين يتظاهرون بالصلاح، لكن قلوبهم بعيدة عن الله، كما قال عيسى المسيح  "لا يحتاج الأصحاء إلى طبيب بل المرضى. أنا جئت لا لأدعو الصالحين إلى التوبة، بل الخاطئين."

لنأخذ المثال التالي:  إن أول أعراض السكتة القلبية قد يكون ألم في المعدة. فلو ظن المريض حينها أن عنده توعك في الأمعاء فقط، ولم يطلب مشورة الطبيب، قد يتفاقم الأمر و يؤدي إلى الموت.  لكن لو استدعى ذلك المريض الطبيب في الوقت المناسب فأنه سينال العلاج وينجو من الموت المحتم .

كذلك حال الانسان، فالكثير من البشر يظنون أن اثمهم بسيط. وعلى هذا فهم لا يشعرون بالحاجة الماسة لطلب المغفرة أو حتى الحاجة للفدية التي دفعها الله من أجلهم. بل يعيشون حياتهم ظانين خطئاً أنهم يعيشون حالة الصلاح. الكثيرون من الخطاة سيكتشفون حالتهم المزرية يوم الحساب, ولكن بعد فوات الأوان.

أين أنت أخي المسلم اليوم؟  هل ترين اختي المسلمة حاجتك لرحمة الله؟  

ثانياً، الكثير من البشر يقارنون أنفسهم بغيرهم من البشر، بدل أن يلجؤوا للمقياس الالهي.  فقد ترى أخي المسلم غيرك من البشر يسرقون، أو يقتلون، فتقول لنفسك " أنا أفضل من هؤلاء" ،  و قد ترين أختي المسلمة الإجرام في العالم و فساد الأخلاق ، فتقولين لنفسك " أن لا أعمل مثل ذلك" .

لكن في يوم الحساب، الله لن يقارننا بغيرنا، بل كل انسان سيحاسب حسب المقياس الالهي، فالله  يرى كل شيء و لا يخفى عنه عز و جل ما في قلب الانسان من خواطر أو أفكار. لذا اسأل نفسك أخي، ماذا عساك فاعل بما أعطاك الله؟

"كل من أعطي الكثير يطلب منه الكثير، ومن أوكل إليه الكثير، يطالب بأكثر منه"

إفحص قلبك أخي ،  فالله لن يقارنك بغيرك,   كما يقول الوحي الالهي " من نظر إلى امرأة بشهوة فقد زنى بها في قلبه" .

إذن، إن كنا أمناء و صادقين مع أنفسنا، سنكتشف حينها مدى عصياننا لله، و خطورة أثمنا و خطايانا. فإن كنتما لا تريان حاجتكما للتوبة أخي وأختي، فينبغي عليكما حينها بفحص نفسيكما بصدق و أمانة, و ذلك قبل فوات الأوان. دعونا لا نتساهل في اثمنا، بل نسعى طالبين من الله المغفرة هذا اليوم. لأن اليوم يوم رحمة ، قبل أن يفاجئنا يوم الحساب و يكون ذلك اليوم يوم نقمة .

 إن لم تتوبوا فأنتم أيضا تهلكون

هداكم الله